الذهب يرتفع بقوة وسط تحذيرات اقتصادية وتصاعد التوترات الجيوسياسية بين الهند وباكستان

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الخميس، مدفوعة بتداخل عدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية أثارت قلق الأسواق ودَفعت المستثمرين إلى التحوّط عبر الملاذات الآمنة، وعلى رأسها المعدن الأصفر. هذا الارتفاع جاء عقب تصريحات مثيرة للقلق من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والتي ألمح فيها إلى تصاعد المخاطر المتعلقة بالتضخم وسوق العمل، في وقت يترقب فيه العالم نتائج المفاوضات التجارية الحساسة بين الولايات المتحدة والصين.

في تفاصيل الأداء، ارتفعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.9% لتبلغ حوالي 3392.90 دولار للأوقية، بينما حققت العقود الآجلة مكاسب طفيفة بنسبة 0.2% لتصل إلى 3399.80 دولار للأوقية. ورغم تراجع لاحق بنسبة تقترب من 1%، فإن المحركات الداعمة لصعود الذهب ما تزال حاضرة بقوة وتدفع بالأسعار إلى مستويات مرتفعة كلما زادت الضغوط.

أما المعادن النفيسة الأخرى فقد اتسم أداؤها بالتفاوت، إذ ارتفعت الفضة بنسبة 1.2%، والبلاتين بنسبة 0.9%، بينما سجّل البلاديوم تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.3%.

هناك ثلاث محركات أساسية وراء هذا الارتفاع في أسعار الذهب:

أولاً: التحذيرات الاقتصادية من الفيدرالي الأمريكي
بالرغم مـن إبقاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير – وهو أمر كان متوقعًا – إلا أن البيان الصادر عن الاجتماع حمل لهجة حذرة. إذ أشار الفيدرالي إلى احتمالات متزايدة لارتفاع التضخم معدلات البطالة، وهو ما فسّره المستثمرون على أنه تنبيه مبكر لأزمات اقتصادية مقبلة. في مثل هذه الحالات، تزداد جاذبية الذهب كأداة تحوط تحمي من التقلبات ومخاطر التضخم.

ثانيًا: الغموض التجاري الدولي
تسود حالة من الترقب الحذر بشأن مصير المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، خصوصًا بعد تصريحات دونالد ترامب التي رفض فيها تقديم أي تنازلات بشأن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الصينية. هذه التصريحات زادت من الضبابية وأثارت القلق بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق قريب، مما رفع شهية المستثمرين تجاه الذهب كأداة تحفظ القيمة في فترات عدم الاستقرار.

ثالثًا: تصاعد التوترات الجيوسياسية
واحد من بين أكثر التطورات الأخيرة التي أثرت بشكل مباشر في أسعار الذهب، تصاعد النزاع بين الهند وباكستان، بعد أن شنت الهند هجومًا على أراضٍ باكستانية في كشمير، مع تهديد باكستان بالرد. هذا التصعيد العسكري أضاف طبقة جديدة من عدم الاستقرار في جنوب آسيا، منطقة حساسة استراتيجيًا. بذات الوقت، لا تزال الحرب الروسية الأوكرانية تلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد العالمي. كل هذه التطورات تزيد من اندفاع المستثمرين نحو الأصول الآمنة، والذهب في مقدمتها.

في ظل هذه العوامل مجتمعة، يبقى الذهب خيارًا جذابًا أمام من يبحثون عن الاستقرار، خصوصًا في فترات التوتر السياسي والاقتصادي. مع تصاعد الأحداث الجيوسياسية والتجارية، تتزايد احتمالات استمرار موجة الارتفاع في أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة.