منذ أن هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة وتركوا مكة المكرمة ، وهم في شوق كبير للعودة إلى مكة للحج والطواف حول الكعبة ، والسعى بين الصفا والمروة ، وإذا كانت القبائل في شبه الجزيرة العربية لهم هذا الحق ، فأهل مكة أحق بهذا ، لان مكة وطنهم ، والكعبة هي بيت الله الذي بناه جدهم سيدنا ابراهيم واسماعيل عليهم السلام ، هكذا كان المسلمون يفكرون في اليوم الذي يأتون فيه إلى الكعبة خصوصا بعد أن أصبحت الكعبة فبلتهم في الصلاة خمس مرات في اليوم .
ذات ليلة كان مضى على الهجرة سته أعوام ، رأى الرسول صلى الله عليه السلام وهو نائم منام ، ورؤية الأنبياء حق ، رأى المسلمون سيدخلون المسجد الحرم بمكة ، ويطوفون حول الكعبة ، كان هذا دليلا على أن المسلمين سيحجون مثل غيرهم من سكان الحجاز وحينما كان الناس مجتمعين في المسجد النبوي ، أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم برؤياه فسعدوا بها كثيرا ، وأصبح المسلمون منذ ذلك اليوم في انتظار تحقيق هذه الرؤيا لذلك .
اجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم مع كثير من المسلمين من المهاجرين والانصار واتخذوا طريقهم نحو مكة ، لم يكن المسلمين يريدون القتال ، ولكنهم ذهبول مسالمين ليس معهم أي أسلحة ولا سيوف ولأن المسلمون كانوا يريدون الحج ، ساقوا أمامهم أيضا بعض الأبل والأغنام ليذبحوها ، تقربا لله وليوزعوها على الفقراء في مكة ، كما امرهم الله بذلك وفي الاسلام ، لبس المسلمون ملابس الاحرام البيضاء وساروا في الطريق قاصدين مكة ، يتقدهم الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض صحبته .
اقترب المسلمون من مكة ، علم الكفار في قريش بمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين للحج ، اصر الكفار على عدم دخول المسلمين الى مكة ورفضوا ان يسمحوا للمسلمين بالطواف حول الكعبة ، واستعد الكفار لقتال المسلمين ، علم الرسول بموقف الكفار فساءه منهم ما فعلوا ، وقال لهم : ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب ، فوالله ما ازال اجاهد على هذا الذي بععثني الله حتى يظهره الله ، لقد تمنى المسلمون ان يكون الكفار اكثر سماحة ، حتى لا تقوم الحرب بين الطرفين ويعيش الطرفين في سلام ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واحد من المسلمين الى الكفار ليوضح لهم ان الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين جاءوا للحج والطواف ، وليس للقتال لكن الكفار اصروا على منع المسلمين من دخول مكة ، ودارت مفاوضات بين المسلمين والكفار
المسلمون يرون من حقهم ان يدخلوا مكة والطواف حول الكعبة ، مثل غيرهم من القبائل والكفار مصرون على منع المسلمين مما يريدون ، كان عثمان بن عفان يتمتع بمكانه عظيمة وحب عند اهل مكة ، لذلك بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليقنعهم بالموافقة على دخول المسلمين للحج والطواف حول مكة ، غاب عثمان حتى ظن المسلمون ان الكفار قد قتلوا عثمان ، اجتم المسلمون عند شجرة سميت شجرة الرضوان ، كانت الشجرة قريبة من مكة .
اقسم المسلمون من المهاجرين والانصار ، على قتال الكفار ان اصابوا عثمان بن عفان بسوء وقد عرفت هذة البيعة ببيعة الرضوان ، عاد عثمان بن عفان ، واخبر المسلمون والرسول صلى الله عليه وسلم برفض الكفار ، واصرارهم على منع دخول المسلمين الى مكة هذا العالم ، ولكن من حقهم ان يعودوا العام المقبل ويطوفوا حول الكعبة لن يمتعوهم من ذلك ، ورضى المسلمون بهذا الراي رغم اعتراض بعضهم ، سجل الطرفين سيدنا محمد صلى الله عليخ وسلم وبين كفار قريش اتفاقا بصلح الحديبية ، ان ياتي المسلمون في العام المقبل ، ويدخلون مكة والطواف وعاد الرسول والمسلمون الى المدينة المنورة في انتظار العام المقبل ، وعندما عاد المسلمون والرسول صلى الله عليه وسلم ، الى المدينة علم ان يهود خيبر يستعدون لمهاجمة المدينة ، كان يهود خيبر يسكنون في مكان يقع شمال المدينة المنورة وكان هؤلاء اليهود قد تحالفوا مع كفار مكة في معركة الخندق ” الاحزاب ” جهز المسلمون جيشا لمهاجمة يهود خيبر ، ومضى المسلمون في طريقهم يهتفون :
– الله اكبر ..الله اكبر
ما كاد اليهود يسمعون هتاف المسلمين ، حتى خافوا وتحصنوا في دورهم فحاصرهم المسلمون حتى خافوا وتحصنوا في دورهم ، فحاصرهم المسلمون ومنعوا عنهم الطعام والشراب ، اضطر اليهود للتسليم وطلبوا الصلح مع المسلمين ، صالح الرسول صلى الله عليه وسلم ، اليهود على ان يتركوا ارضهم وديارهم للمسلمين وخرج اليهود وابتعدوا عن المدينة ، كان على الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن ينشر الأسلام.
خارج المدينة المنورة لذلك بعث الرسول صلى الله عليه وسلم ، بعدد من رجال الإسلام إلى ملوك وحكام الدول المجاورة ، كان كل رسول يحمل رساله عن الأسلام ، بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رسائله إلى كلا من ، المقوقس حاكم مصر ، امبراطور الروم ، كسرى ملك الفرس ، أمير البحرين ، ملك اليمن ، اليمامة ، بصرى ، لقى بعض هؤلاء الرسل ترحيبا ممن أرسلوا إليهم ، وكان هذا بداية لدخول الإسلام إلى هذه المناطق فيما بعد .
فلما كان العام السبع من الهجرة ، كان قد مضى عام على صلح الحديبية ، لذلك أصبح من حق المسلمين أن يدخلوا مكة ، وأن يطوفوا حول الكعبة ، خرج جمع كبير من المسلمين في هذا العالم ، يتقدمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة ، وهم يكبرون ويهتفون :
لبيك اللهم لبيك
ووصلوا مكه ولم يمنعهم أحد من دخول مكة ، وطافوا حول الكعبة بينما أهل مكة غادروا دورهم وصعدوا للجبال ينظرون إلى المسلمين ، وهم يطوفون ويهتفون ، وبقى المسلمون في مكة ثلاثة أيام وكان أهلهم واصدقائهم سعداء وزاروهم وكان بفضل الله سعداء جدا ، وبعدها عاد المسلمون الى المدينة المنورة وهم سعداء ، لقد حقق الرسول صلى الله عليه وسلم الرؤية ، كما وعده الله وحج وزار الكعبة وطاف حولها هو المسلمون ، ةذادت لهفتهم الى العودة في العام المقبل ، وبينما المسلمون في طريقهم الى المدينة ، انزل الله على رسوله الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ايات قرانية فقال الله تعالى :
” انا فتحنا لك فتحا مبينا ، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما ، وينصرك الله نصرا عزيز ” سورة الفتح الاية 1-3 ، لم يمض غير وقت قليل ، على وصول الرسول صلى الله عليه وسلم ، الى المدينة حتى اقبل ثلاثة من ابطال مكة ، وهم خالد بن الوليد الذي عرف بعد ذلك بسيف الله المسلول ، وعمرو بن العاص الذي كان له دور كبير في نشر دعوة الاسلام ، وقام بفتح مصر في عهد عمر بن الخطاب ، والبطل الثالث وهو عثمان ابن طلحة الذي كان حارسا للكعبة ، ومعه مفاتيحها .
سعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، كثيرا بقدوم هؤلاء الثلاثة الذين اعلنوا اسلامهم ، فكان هذا نصر للاسلام والمسلمين ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال لاصحابة بسعادة كبيرة وفرح : لقد رمتكم مكة بفلذات اكبادها ، فكان هذا يعنى قوة للمسلمين وضعفا في صفوف الكفار ، لان الثلاثة كانوا اقوياء وخير ابطال وقائدين للجيش الاسلامى بعد ذلك ولهم دور كبير في الفتوحات الاسلامية لنشر الاسلام الكبير ، هكذا كان الاسلام عزيزا وسيظل عزيزا لم يصل الينا بدون عناء ومشقة لقد حارب الرسول صلى الله عليه وسلم وحارب الصحابة من اجل ان ينتشر الاسلام في بقاع الارض ، ودورنا ان نحافظ عليه ونحترم ديننا ، ونتبع سنة نبينا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام وواجبنا ان نكون مسلمين على حق ، ليس باللقب ولكن بالايمان من داخلنا والبعد عما حرمة الله والتقرب لله رب الكون ، اللهم احفظ الاسلام والمسلمون .